نتائج البحث:

ما ألذي جعل ألشعر وألغناء ألعراقي يتسم بألحزن

ما ألذي جعل ألشعر وألغناء ألعراقي يتسم بألحزن

تنـاول ألكثـير مـن الباحثـين وألمختصـين بالشـعر وألغنـاء العراقـي موضوعـه ترابـط ألحـزن بترانيـم ومفـردات ألشـعر الغنـائي ألعراقيـز وقـد أكـد الكثـير منهــم ان الاغنيــه بمختلــف الوانهــا هــي الاســاس في التعبــير عــن الحــالات النفسـيه لمـا تعانيـه جميـع المجموعـات البشريـه وهـذا الـذي كان لاوائـل الذيـن عاشـوا في بـلاد مابـين النهريـن، لذلـك يسـتنبط كل مـن يسـتمع الى النصـوص الغنائيـه العراقيـه مـدى ارتبـاط تلـك النصـص بطابـع الحـزن لـدى العراقــي، فملامــح الحــزن تتجســد في معظــم تلــك النصــوص حتــى تــكاد تشـكل علامتهـا الفارقـه، حتـى تلـك الاغـاني التـي تعـبر عـن لهجـه الفـرح في المناسـبات السـعيده لاتخلـو مـن نـبره الشـجن.. هنــا الســؤال: لمــاذا الحــزن؟ لمــاذا لم يكــن الفــرح هــو المــلازم للانســان العراقـي؟ وجوابـا عـلى هـذا السـؤال يمكـن الرجـوع الى تاريـخ بـلاد مابـين النهريـن ومنـذ عهـد السـومريين اذى تشـير بعض المدونـات ان مسـحه الحزن هـذه بـدأت منـذ مـوت انكيـدو وحـزن كلكامـش عليـه، وكذلـك فـان للبيئـة التـي تمتـاز ملامحهـا بالقسـوة التـي تميـزت بالسـيول المرعبـه مـن الفيضانـات التـي كانـت تـاتي وتدمـر كل اخـضر ويابـس عـلى الارض ومـا يتبعهـا مـن اوبئـه وامـراض فتاكـه. ومـن نتـاج تلـك الخسـائر والويـلات ابتـدأت المـراثي المغنـاة عـلى شـفاه الامهـات الثـكالى عـلى موتاهـن الغرقـى فـترى الام وهـي تهدهـد رضيعهـا لتجعلـه يكـف عـن البـكاء ويغفـو بـين احضانهـا فتشـدوا لـه الحـان شـجيه بنـبره حزينـه تجعـل رضيعهـا غارقـا في منامـه. نعـم لازال ذلـك الصـوت يصـدح في اذني الى الان بترنيمـه والـدتي الحزينـه )دللـول يالولـد يبنـي دللـول(. وللتعبـير عـن اوجـاع سـنين القحـط والجـراد والظـمأ تأطـرت اغـاني الفلاحـين برثـاء موتاهـم غرقـا او مرضـا حتـى ظـل صـوت الحـزن متوارثـا جيـلا بعـد جيـل. كيـف ينـسى العراقيـون ذاكـرة الاوجـاع والانتكاسـات التـي خلفتهـا الحـروب والاحتـلالات عـلى مـر العصـور, وكيـف ينـسى العراقيـون الاغتيـالات والمؤامــرات التــي خلفــت لهــم الاحــزان والالام فجســدوها في اغانيهــم واشـعارهم..... فهنـاك وقائـع جـرت عـلى ارضهـم لايمكـن نسـيانها ومنهـا واقعـه كربـلاء حيــث استشــهد فيهــا ابــن بنــت نبيهــم هــو, هــو واهــل بيتــه واصحابــه وقطعـت اوصالهـم وعلقـت عـلى رؤوس الرمـاح وطافـوا بهـا بـين البلـدان والى اليـوم تعيـش معظـم مـدن العـراق كل عـام ذكـرى احيـاء التراجيديـا المريـره ولعـده ايـام رغـم مـرور اكثـير مـن ١٤٠٠ عـام عـلى وقوعهـا فتقـرأ المـراثي وقصائـد الحـزن والبـكاء، ومــن كل تلــك المـاسي ولــدة ذلـك الكـم الكبـير مـن الاغـاني المبحـره عـلى قـوارب الحـزن في بحـور الضيـاع والمهجـر والعشـق والغربـه والحنـين، انعكسـت تلـك الصـور الحزينـه عـلى قصائـد الشـعراء مثـل صـور وداع الاحبـه المؤطـره بالدمـوع والنحيـب كـما تخيـل شــاعر كبــير مــن كتــاب الاغنيــه وداع حبيبتــه المغــادرة عــلى مــتن قطــار , فهـو يصـف صـوت القطـار وهـو يغـادر محطتـه وكأنـه يـصرخ وينتحـب عـلى فـراق محبوبتـه. كذلـك نجـد العراقـي حتـى في غربتـه وابتعـاده عـن وطنـه الام فأنـه لاينـسى تلـك الاغـاني الشـجيه المليئـه بالاهـات، فمثـلا انـا المتكلـم هنـا في مهجـري عندمـا اشـعر بضيـق مـن امـر مـا فأننـي الجـأ الى سـماع صـوت طائـر الجنـوب العراقـي )داخـل حسـن( وهـو يغـرد بأغنيتـه الخالـده )يمـه يايمـه( فعندهـا اشـعر بالارتيـاح وانـسى همومـي.هكـذا نحـن العراقيـون نتميـز بهـذا الاختـلاف عـن الاخريـن الناطقـين بالعربيـه فيغلـب عــلى اشــعارنا واغانينــا بمختلــف اطوارهــا طابــع الحــزن، وللطرفــه يذكــر عـلالم الاجتـماع العراقـي الدتـور عـلي الـوردي في كتابـه)دراسـه في طبيعـه المجتمـع العراقـي( هـذه الحكايـه حيـث يقـول ان احـد الطلبـه العراقيـين الذيـن يدرسـون في الولايـات المتحـدة الامريكيـة ذهـب لزيـارة صديقـه مـن العراقيـين فلـم يجـده في الـدار التـي يسـكن فيهـا، فجلـس مـع صاحبـه الـدار يتحـدث عـن صاحبـه فقالـت السـيده تصـف نزيـل دارهـا بانـه شـاب طيـب ولكنـه لايـكاد يدخـل الحـمام حتـى يـشرع بالبـكاء، وقـد اتضـح فيـما بعـد ان هـذا الشـاب لم يكـن يبـكي كـما تصـورت السـيده الاميركيـه بـل كان يغنـي )أبوذيـه( وهـو طـور مـن أطـوار الغنـاء الريفـي العراقـي.... وفي النهايـه اختـم بمقطـع مـن قصيـده الفهـا أيقونـه ألشـعر العراقـي مظفـر النـواب واصفـا كل هـذه الاحـزان قـال فيهـا: ما أظن ارضا رويت بالدم والشمس..... كأرض بلادي.. وما اظن حزنا كحزن ألناس فيها... ولكنها بلادي ... لاابكي من القلب ولا اضحك من ألقلب.. ولا أموت من ألقلب الا فيها ..

 

الكاتب: محمد ألعراقي